top of page

 

" وكأنهم وطنوا النوبيين حول حوض السباحة بالنادي ، عشرات الرجال من أهلنا يرتدون قفاطين حمراء وزرقاء يتوسطها حزام ذهبي عريض بخيوط متداخلة مشغولة بعناية، المستجدون يتلفحون بالقفطان الأبيض حتى يثبتوا كفاءة فتتم ترقيتهم، رؤوس الجميع تغطيها طرابيش حمراء فاقعة، يهرولون لكن في نظام بغير ضوضاء، يسيرون على أطراف أصابعهم كي لا يزعجوا الممددين على الأرائك، الذين ينعمون باسترخاء لا ينبغي أن نشغلهم عنه حتى بطلباتهم.

العاملون يحملون صوانٍ فضية، يرفعونها عاليًا، يدورون بها دوائر متقاطعة مثل المتصوفة، يخفـون برشاقة لخدمة الأعضاء بمجرد نظرة عين فقط، غالبية الصواني تضم شراب الليمون بالصودا أو البيرة، كؤوس طويلة وأكواب عريضة بجوارها صحون صغيرة بها شرائح خبز تتراص فوقها صنوف طعام غريبة دقيقة الحجم لكن في تناسق بديع، لم أعرف منها إلا الطماطم بسبب لونها!

همست متوجسًا: هذه هي الجنة، لكنني سأخرج منها بسبب تفاحة فضولي!

فقد ظلت فكرة نزولي حوض السباحة تراودني، وتدفعني لتجربتها بغير تبصّر لعواقبها، ولو لمرة يتيمة. "ستفعلها ليلًا يومًا ما عندما ينام الآخرون"، هكذا حدثني شيطاني همسًا مرة أخرى وفرّ هاربًا كعادته."

تذكرة وحيدة للقاهرة.أشرف العشماوي

$22.99Price
    bottom of page